مذكرات صيف 2010
أذكر الصيف الماضي مثل هذه الأيام عندما كنت أعمل في ألعاب الصيف
( السمر جيمز) التابعة للأونروا الوكالة في غزة ...
22/7/2010
في هذا التاريخ كان اول راتب لي قبضته من بنك فلسطين كان بقيمة 1080 ش , يومها ذهبت إلى البنك أنا و زميلاتي في العمل , من الساعة العاشرة حتى الساعة الثالثة , و أنا انتظر بفارغ الصبر متى سأقبض.. ساعاتٍ من الانتظار والقلق بأن يكون هناك يوماً مخصوماً من راتبي ... ساعات من النظر إلى أولئك الذين ينتظرون لقمة عيشهم , يتحملون ذاك الواقع المرير .. اذكرُ يومها قد جاءت امرأة عجوز خلفي تريدُ أن تقف أمامي لأنها لا تستطيع الانتظار فهي امرأةُ هرمة بعض الشيء , شعرتُ بالشفقة عليها , وكنتُ بالفعل أريد مساعدتها أن اعطيها مكاني رغم انتظاري كثيرا ولم يبق الا كم شخصا امامي و يأتي دوري ولكن زميلاتي رفضوا بأن تأتي امامنا , وطلبوا مني أن تأخذ مكاني وانا ارجع إلى الوراء أعيدُ الانتظار مرة أخرى , ولكنى رفضتُ ذلك ... ولم استطع ان اساعد تلك العجوز , لحظة صعبة لقد حزت في نفسي كثيراً .. لعدم مساعدتها..
رجعتُ إلى البيت بعدما قبضت ذاك الراتب وبعد اسبوعٍ تقريباً كلمح البصر أذكرُ أنه لم يبقَ منه شيء , لظروف صعبة كنا نمرُ بها في بيتنا .. وبعد شهرٍ تقريباً قبضت راتبي الثاني لا بأس به , و أيضاً لم يبقَ منه شيئاً لنفسي , غير ذلك الجوال لأنني كنتُ بحاجة ماسة له ... وتلك اللعبة (السيارة) التي اشتريتها لأخي الصغير فارس لأنني وعدته بها , كانت تمرُ علينا لحظات صعبة في البيت , وذلك لمجيء شهر رمضان الكريم وظروف أخرى ...و لم يبقَ من الراتب شيئاً لأدفع رسوم الجامعة , لأسجل لبداية الفصل الأول (مستوى رابع) , أذكرُ بأنه ضاقت بي الدنيا , شب شجارُ بيني وبين أهلي بالبيت , بسبب سوء تفاهم بيني وبين أخي , أذكرُ بأنني بقيتُ كم اسبوعاً أنامُ على كتفي الأيسر , لأنني لم استطع من الألم من النوم على كتفي الأيمن , كانت أصعب لحظات حياتي... عندما بدأ الفصل الدراسي الجديد في جامعتي لم أكن املكُ قرشاً لأدفع رسوم الجامعة , كنت في قرارة نفسي مصممة على أن اؤَجل فصليَ الدراسي , حتى أعملَ مرة أخرى و أتحملُ التعب الشاق و الإرهاق .. وأدفع رسومي الجامعية ..
أذكرُ يومها أنني قد جلستُ مع صديقاتي في التخصص ,كانت صدمة صاعقة لصديقاتي كيف أصبحتُ بعد غيابي عنهم شهرين , بعد تعرضي لحرارة الشمس التي حرقت بشرتي , نظرت رفيقتي إلى عيني وقالت لي هل سجلتي للفصل ؟!, لم استحمل منها تلك العبارة , فانهمرت دموعي فوراً وبكيت .. نعم بكيتُ لأول مرة أمام صديقاتي , لأنني لم أتحمل طاقة فوق طاقتي , لم أقدر أن أصرخ لأعبر عما في داخلي من مشاعر مجروحة , بأنني قد تحملتُ التعب و الألم و المعاناة و المعاملة السيئة التي نتعرضُ لها يومياً أنا وزميلاتي في موقع العمل , أتحملُ ذاك الصباحُ المقرف النكدي بنظري عند رؤيتي لمديرة الأنشطة في الموقع التي كنتُ أكرهها من صميم قلبي , بأن أتحمل درجات الشمس الحارة , أن أتحمل ضغط أهلي في البيت بأن أتحمل و أتحمل ... لكي أدفع رسوم الجامعة ... ولكن بالنهاية لم أحقق الذي أريده ... و لكن في قرارة نفسي كان عندي أمل بأن يتحسن حالي و بالفعل... لقد تلقيتُ اتصالاً من صديقتي في نفس اليوم بأن صديقَ والدها قد دفع عني رسوم الجامعة , لم أصدق تلك العبارة إلا عندما نزلت إلى الجامعة و تأكدتُ بنفسي , لا أعرف كيف أصفُ ذلك الشعور الذي سيطر على كياني , ذلك الشعور الذي رد لي استقراري و هدوئي الذي اشتقتُ له , لقد شكرتُ وحمدت الله عز وجل يومها بأنها فرجت .. نعم لقد فرجت ما بعد الضيق الفرج ... لن أنسى هذا الموقف مهما حييت .. كانت أيام بالفعل صعبة و لكنها مرت بفضل الله مر السحاب .... ^_^